أحمد سالم
واحد من الانتصارات اليومية الكبيرة التي نجحد فضلها وننسى شكرها، ولا نثني على أنفسنا بما يكفي كوننا حققناها ووصلنا لها= أننا مازلنا أحياء.
وكان من دعاء رسول الله إذا أصبح: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
أن تواصل الحياة يومًا بعد يوم، تجاهد آلاف التفاصيل اليومية الصغيرة وتودعها لتقابلها مرة أخرى يومًا من بعد يوم، هذا هو الانتصار الذي يبخسه الناس قدره.
مقتطفات أخرى
من النادر جدًا أن يغير الناس قناعاتهم بناء على جدال مباشر أو قراءة كتاب أو سماع حجة لرأي مخالف، ومعظم من يحدث لهم تغير عقب هذا لم يكن الرأي الذي تغير عنده قناعة بل كان مجرد شبهة عابرة أو رأي سطحي الاستقرار أو كان النقاش آخر العوامل المؤثرة بعد تغير نفسي كان يمر به بالفعل.
وستدهشك الأسباب الحقيقية التي تؤدي لتغير قناعات البشر؛ إذ إن معظم تغير القناعات ينتج عن النضج العمري، وتجدد التجارب وتنوع الخبرات، وتغير دائرة المعارف والصداقات، أو صدور الرأي المخالف من شخص له تأثير عاطفي على مستوى الثقة والاحترام والمودة.
إذا فهمت هذا= ستحد جدًا من كم الطاقة الذي تستنزفها من روحك لتغيير قناعات الناس، وستخفض من سقف توقعاتك منهم، وستترك مجالًا أرحب للمخالطة بالحسنى لتعمل عملها في النفوس، والأهم أنك ستريح قلبك من وجع الدماغ.
س: طريقة كلام البنات على النت عن النبي عليه الصلاة والسلام لا تعجبني، فيها جانب رومانسي أوفر، مهتمة أعرف رأي حضرتك.
الجواب:
بصفة عامة عندك حق، بس المشكلة لم تبدأ عند البنات والإنترنت، المجتمع يصنع صورة للنبي تناسب قيمه وتقاليده، وكل شريحة بتصنع نسختها.
هتلاقي البنات مهتمين بالجانب العاطفي، وبيوصل الموضوع لدرجة أحاديث مكذوبة وفجة وشبه تايتنك ماسخة كده، وفي النهاية كل ده بيغذي حالة عاطفية غير صحية ولا تساعد على تنشئة متوازنة ولا على تصور دقيق لمسؤوليات الحياة ودور المرأة فيها.
وبالمثل هتلاقي الجهاديين حافظين إن النبي ده هو: الضحوك القتال، وجئتكم بالذبح وأخبار الغزوات.
وبتوع الإسلام المدني الحضاري: تقريبا بيحبوا وثيقة المدينة دي أكتر ما اليهود بيحبوها.
والجماعة بتوع صلح الحديبية كلنا عارفينهم طبعًا.
وهتلاقي الناس الكيوت حافظين أحاديث العفو والتسامح والبشاشة والعفو عن الأعرابي.
وهتلاقي الناس اللي بتحب تشتم حافظين كل الأحاديث اللي فيها شتيمة وحافظين توجيهات العلماء وتقييداتهم لأحاديث النهي عن الفحش والبذاءة.
في الحقيقة: العقل الإنساني مريض مرض مزمن بالانحياز التأكيدي، وهو النظر في المعلومات والبحث عنها بغرض انتقاء ما يؤكد التحيزات والقناعات والأهواء السابق رسوخها في النفس.
في الواقع لو استثنينا المعلومات المكذوبة والأفهام المغلوطة= فالنبي عليه الصلاة والسلام هو كل دول، لكن كل واحد منهم في موضعه متوازنًا مع باقي المواضع.
وبمناسبة إن كنا بنتكلم عن الرجولة قريبا، فجون ألدريدج كان بينكر حرص المجتمع المسيحي على تصدير المسيح في صورة الأم تريزا، وإنهم عاوزين الشخص المسيحي شخص كيوت ومسالم وبشوش وقاعد وسط الأطفال وعليه دايرة حمام سلام من فوق= بينما الرجولة لا يمكن التنشئة عليها وفق هذه الصورة، ولابد من استصحاب تنوع حالات النبوة بحيث تدعم كل حالة الموقف التربوي المناسب للاستشهاد بها.
تنشئة الذكر على الرجولة تحتاج النبي الشجاع المغامر المحارب، وليس الأم تريزا، كما أن تنشئته على الرفق والعدل والحكمة وحفظ الحقوق تحتاج إلى موازنة النسخة المحاربة مع نسخة النبي الحكيم وإلا سيصل به عدم التوازن إلى أن يضع الشجاعة في غير مواضعها.
شكرًا لك على السؤال الجميل.