أحمد سالم

أحمد سالم

فإنه سبحانه يسأله من في السماوات والأرض يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء، وأبغض خلقه عدوه إبليس ومع هذا فقد سأله حاجة فأعطاه إياها، ومتعه بها، ولكن لما لم تكن عونا له على مرضاته، كانت زيادة له في شقوته، وبعده عن الله وطرده عنه، وهكذا كل من استعان به على أمر وسأله إياه، ولم يكن عونا على طاعته كان مبعدا له عن مرضاته، قاطعا له عنه ولا بد.

وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له، وفيها هلاكه وشقوته، ويكون قضاؤه له من هوانه عليه، وسقوطه من عينه، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له، فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته، ويعامله بلطفه، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه، ويراه يقضي حوائج غيره، فيسوء ظنه.

فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته، ويقتر على المؤمن لا لإهانته، إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته، ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته، فله الحمد على هذا وعلى هذا، وهو الغني الحميد.

ابن القيم

مشاركة

مقتطفات أخرى

قال تعالى: وللرجال عليهن درجة.

قال أبو جعفر الطبري: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية؛ ما قاله ابن عباس، وهو أن الدرجة التي ذكر الله تعالى في هذا الموضع هي: الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها ، وإغضاؤه لها عنه ، وأداء كل الواجب لها عليه .

فتأمل كيف كانت ‍درجة الرجل على المرأة هي أداؤه ما عليه كله كاملًا، وصفحه عما يحدث منها من النقص في الواجب عليها.

وحقيقة ذلك: أن ‍درجة الرجل على المرأة هي حيث يكون رجلا حقا يؤدي مسؤولية قوامته؛ فإن القوامة تكليف للرجل، وحق للمرأة، فالقوامة في جوهر معناها: دور يقوم به الرجل وليست حقًا يؤدى له.

اقرأ المزيد

ميزان النجاح والتوفيق ومعيار قياسه إنما يتحدد بمدى الفجوة التي بين سريرتك وعلانيتك، والعمل على تضييق هذه الفجوة، وصناعة حالة تقارب واتساق بين عالمك الداخلي وخبيئة نفسك وبين ما تظهره للناس من تبني الفضائل والقيم= هو جوهر الاستقامة الإيمانية.

هذا الشخص المتواري في أغوار نفسك، هو الذي ستحاسب عليه، وليس ذاك الغريب المتصنع الذي يعرفه الناس، اعمل على هذا وداوه وأنت تقدر على ذلك، وينتظره ربك منك ويباهي بك ملائكته.

اقرأ المزيد