
أحمد سالم
المرأة المخزومية التي سرقت فقُطعت يدها، في مسند الإمام أحمد أنّها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل لي من توبة يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله: ((أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك)).
وكان رسول الله يرحمها ويصلها.
وقالت عائشة: فحسنت توبتها بعد وتزوجت رجلا من بني سليم، وكانت حسنة التلبس والمخالطة والمعاشرة، وكانت تأتيني فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشريعة ليست قوانين جافة تعاقب صاحب الجرم ثم تصبغه بصبغة الإجرام طيلة حياته، الشريعة ليست قانونًا، ليست نظامًا جنائيًا على هيئة النظم الجنائية الوضعية، الشريعة بناء متكامل، بناء إيماني وأخلاقي وإنساني، ونصف ضلال الناس عن الشرع بما في ذلك ضلال الداعين لتطبيق الشرع= يكمن في أنهم يفكرون فيه على أساس أنه قانون من القوانين لا يفترق عن القوانين سوى في أنه إلهي، وذلك فساد عظيم.
مقتطفات أخرى
س: طريقة كلام البنات على النت عن النبي عليه الصلاة والسلام لا تعجبني، فيها جانب رومانسي أوفر، مهتمة أعرف رأي حضرتك.
الجواب:
بصفة عامة عندك حق، بس المشكلة لم تبدأ عند البنات والإنترنت، المجتمع يصنع صورة للنبي تناسب قيمه وتقاليده، وكل شريحة بتصنع نسختها.
هتلاقي البنات مهتمين بالجانب العاطفي، وبيوصل الموضوع لدرجة أحاديث مكذوبة وفجة وشبه تايتنك ماسخة كده، وفي النهاية كل ده بيغذي حالة عاطفية غير صحية ولا تساعد على تنشئة متوازنة ولا على تصور دقيق لمسؤوليات الحياة ودور المرأة فيها.
وبالمثل هتلاقي الجهاديين حافظين إن النبي ده هو: الضحوك القتال، وجئتكم بالذبح وأخبار الغزوات.
وبتوع الإسلام المدني الحضاري: تقريبا بيحبوا وثيقة المدينة دي أكتر ما اليهود بيحبوها.
والجماعة بتوع صلح الحديبية كلنا عارفينهم طبعًا.
وهتلاقي الناس الكيوت حافظين أحاديث العفو والتسامح والبشاشة والعفو عن الأعرابي.
وهتلاقي الناس اللي بتحب تشتم حافظين كل الأحاديث اللي فيها شتيمة وحافظين توجيهات العلماء وتقييداتهم لأحاديث النهي عن الفحش والبذاءة.
في الحقيقة: العقل الإنساني مريض مرض مزمن بالانحياز التأكيدي، وهو النظر في المعلومات والبحث عنها بغرض انتقاء ما يؤكد التحيزات والقناعات والأهواء السابق رسوخها في النفس.
في الواقع لو استثنينا المعلومات المكذوبة والأفهام المغلوطة= فالنبي عليه الصلاة والسلام هو كل دول، لكن كل واحد منهم في موضعه متوازنًا مع باقي المواضع.
وبمناسبة إن كنا بنتكلم عن الرجولة قريبا، فجون ألدريدج كان بينكر حرص المجتمع المسيحي على تصدير المسيح في صورة الأم تريزا، وإنهم عاوزين الشخص المسيحي شخص كيوت ومسالم وبشوش وقاعد وسط الأطفال وعليه دايرة حمام سلام من فوق= بينما الرجولة لا يمكن التنشئة عليها وفق هذه الصورة، ولابد من استصحاب تنوع حالات النبوة بحيث تدعم كل حالة الموقف التربوي المناسب للاستشهاد بها.
تنشئة الذكر على الرجولة تحتاج النبي الشجاع المغامر المحارب، وليس الأم تريزا، كما أن تنشئته على الرفق والعدل والحكمة وحفظ الحقوق تحتاج إلى موازنة النسخة المحاربة مع نسخة النبي الحكيم وإلا سيصل به عدم التوازن إلى أن يضع الشجاعة في غير مواضعها.
شكرًا لك على السؤال الجميل.
((تنتهي نصف معاناتنا إن تمكنا من تسمية ما يؤلمنا، في التسمية سحر، يأتي معها التفسير)).