
أحمد سالم
بقدر نظرك في بيان الوحي وتذوقك لأدب العرب، بقدر ما يستقيم لك منطق النظر العربي، وإذا أعرضت عن ذلك لم يبق لك سوى أن تشتغل باكتساب عقل الأعاجم، وكلما أتخمك عقل الأعاجم وفرحت بانتفاخ ورمه= نقص لديك فقه الوحي وضعف ذوقك لبيانه.
مقتطفات أخرى
الفاعلية اليومية، الثابتة، والمنتظمة مهما قلت= هي أبقى أثرًا وأعظم ثمرة من الفاعلية التي تأتي على فترات، أو موسمية، ولو كانت هذه الأخيرة ثقيلة ومكثفة، بل نفس هذه الفعالية اليومية هي التي تؤهل للانتفاع الأتم والأكمل بالفعالية المكثفة الموسمية.
تلك قاعدة أساسية من قواعد العلم والعمل والعيش، ويمكنك تطبيقها على أشياء كثيرة، فتزيد من أثر إنجازك، وتعينك على تفسير كثير من الظواهر المحيرة لك، بداية من مذاكرة أيام الامتحانات اللي بتطير وانت خارج من اللجنة، وانتهاء بإيمانيات رمضان التي تنطفئ سريعًا، ومرورًا بفرحة الفسحة مع أسرتك والتي لا تجد تفسيرًا لكونها لا تنعكس على باقي حياتكم.
المواسم المكثفة مهمة وضرورية، لكنها لا تؤتي أكلها إلا إذا غرست في أرض قد أخصبها الماء طوال العام ولو كان إخصابه لها مجرد قطرات.
ليس إذا ما ابتلى الله الإنسان فأكرمه ونعمه يكون ذلك إكرامًا مطلقًا وليس إذا ما قدر عليه رزقه يكون ذلك إهانة بل هو ابتلاء في الموضعين، وهو الاختبار والامتحان.
فإن شكر الله على الرخاء وصبر على الشدة= كان كل واحد من الحالين خيرا له، وإن لم يشكر ولم يصبر= كان كل واحد من الحالين شرا له.
ثم تلك السراء التي هي من ثواب طاعته إذا عصي الله فيها= كانت سببا لعذابه.
والمكاره التي هي عقوبة معصيته إذا أطاع الله فيها= كانت سببا لسعادته.
فتدبر هذا؛ لتعلم أن الأعمال بخواتيمها، وأن ما ظاهره نعمة هو لذة عاجلة: قد تكون سببًا للعذاب، وما ظاهره عذاب وهو ألم عاجل: قد يكون سببًا للنعيم، وما هو طاعه فيما يرى الناس: قد يكون سببًا لهلاك العبد برجوعه عن الطاعة إذا ابتلي في هذه الطاعة، وما هو معصية فيما يرى الناس: قد يكون سببًا لسعادة العبد بتوبته منه وتصبره على المصيبة التي هي عقوبة ذلك الذنب.
شيخ الإسلام ابن تيمية.