
أحمد سالم
في القرآن: امتنان الله على قريش وعرب مكة في جاهليتهم وكفرهم بأنه أنعم عليهم بالأمن وأنه تٌجبى إليهم ثمرات الدنيا وزهرة تجارات الأمم.
وفي نفس القرآن خطاب الله للمؤمنين بأنه سيبتليهم بالخوف والجوع ونقص الأنفس والأموال والثمرات.
ليست سراء الدنيا بأهون ابتلاء من ضرائها، ولربما كان نعيم الدنيا جسرًا يقود إلى جحيم الآخرة، فأي شيء ينتفع به من أنعم الله عليهم بالأمن والعافية إذا ضيعوا شكر ربهم وضلوا الحق وأضلوا الخلق؟!
وأي شيء يضر من مستهم البأساء والضراء وزلزلهم الخوف ومسهم الجوع والقرح= إذا صبروا وعرفوا لله قدره وللدنيا قدرها وأن غمسة في الجنة تنسي كل شقاء؟!
مقتطفات أخرى
واحد من الانتصارات اليومية الكبيرة التي نجحد فضلها وننسى شكرها، ولا نثني على أنفسنا بما يكفي كوننا حققناها ووصلنا لها= أننا مازلنا أحياء.
وكان من دعاء رسول الله إذا أصبح: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
أن تواصل الحياة يومًا بعد يوم، تجاهد آلاف التفاصيل اليومية الصغيرة وتودعها لتقابلها مرة أخرى يومًا من بعد يوم، ترجو رحمة الله وتخشى عذابه، محبًا طائعًا راغبًا في لقائه= هذا هو الانتصار الذي يبخسه الناس
ومما يقرأه الناس ولا يفقهونه في كتاب الله:
قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طابَ لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}.
يحسبون أن الله يقول لولي اليتيمة تزوجها إن خشيت ألا تعدل في ولايتك على مالها.
وليس كذلك، بل الآية في عكس ذلك، فالآية تخاطب ولي اليتيمة إن أراد أن يتزوجها، أن هذا الزواج في نوع من تضارب المصالح؛ لأنه هنا هو الولي وهو الزوج معًا، فيُخشى من ذلك ألا يعدل معها في توفيتها حقوقها، ويتساهل مع نفسه في تقديره للمهر ونحو ذلك (قارن ذلك بالهري الذكوري الذي يريد بخس النساء حقوقهن).
تقول أم المؤمنين عائشة لابن أختها عروة بن الزبير لما سألها عن هذه الآية: ((يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حِجر ولِّيها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بأدنى من سُنة صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما سواهُنَّ من النساء)).