أحمد سالم

أحمد سالم

في الحديث العظيم الذي يصف فيه رسول الله القلبَ الفاسد: ((لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه)).

ما معنى هذا الاستثناء: إلا ما أشرب من هواه؟

معناه، أن صاحب القلب الفاسد يعرف معروفات وينكر منكرات؛ فإنه لا يوجد شر محض في بني آدم ففي كل إنسان شعبة من معرفة المعروف وإنكار المنكر.
لكن معرفة المعروف وإنكار المنكر يقعان لصاحب القلب الفاسد من جهة ميل طبعه وهواه، فيتفق لطبعه محبة ما هو محبوب لله، وكراهية ما هو مكروه لله، لكنه لم يعرف المعروف أو ينكر المنكر تبعًا لما عند الله، وإنما اتبع في ذلك ميل طبعه، ولذلك يميل طبعه لمنكر آخر وينفر عن معروف آخر لأن الأساس عنده ليس هو الحد الذي يضعه الله للمعروف والمنكر وإنما الأساس عنده هو ميل طبعه، وميل الطبع لا يؤتمن لا على معرفة المعروف ولا على إنكار المنكر، ولذلك يجب على الإنسان أن يجعل هواه وطبعه تابعًا لما يقرره الوحي وليس قائدًا يقوده فيعارض الوحي أو يحرف الوحي.

ولو كان الدين بما يوافق الطبع لما ضيع الدين أحد من الناس ولاتبعوه جميعًا.

مشاركة

مقتطفات أخرى

أنا اتولدت ١٩٨١ بعدها بسنة كان اجتياح لبنان ودمار بيروت، ثم كارثة صابرا وشاتيلا (كان ذاك أضعاف ما ترونه اليوم).

من ذاك التاريخ لليوم عايشت أيامًا كثيرة جدًا كالتي تعيشونها، والجيل قبلي أدرك النكسة وما بعدها والجيل قبله أدرك النكبة وما بعدها، وهكذا لكل جيل نصيبه من الشهود والمحنة وكرب النفوس وغمها، أما أهل تلك المحن أنفسهم فلا يحيط بمصابهم كلام.

قد أموت ولا يتغير أي شيء، مجرد نكبات تتابع، لكن الذي أعلمه جيدًا، أني لن أسأل عن النكبة نفسها إنما سيسألني ربي ماذا استطعت لها وماذا فعلت من ذاك المستطاع.

لم يملك رسول الله شيئًا لأصحابه الذين كانوا يعذبون على مرمى حجر من بيته، كان ما يملكه لهم هو الدعاء والتصبير، وهذا ما فعله.

الذي يجب علينا هو أن نفعل ما نطيق، والله يعلم ويرى، وله من راء ذلك الحكم البالغة.

اقرأ المزيد

في التحفة الفنية (Nightcrawler) يبني بطل الفيلم (لويس بلوم) رحلة تحول من لص صغير إلى صحفي تلفزيوني متخصص في تصوير الجرائم والحوادث في أول لحظات حدوثها..

يعرض الفيلم مقاطع ذكية لبلوم وهو يستمع إلى شرائط رواد التنمية الذاتية وأدبيات النجاح الأمريكية.

يبدأ بلوم في تطبيق هذه الأفكار في أبسط المواقف حتى تقوده الليالي لحادث على الطريق السريع وتنطلق منه رحلته في هذا المجال المهني، ويبدأ فيه تطبيق هذه الأفكار ويحرق في سبيل ذلك كل سفنه القيمية والإنسانية، وحش شره لكل ما يجعله أكثر كفاءة وأكثر شهرة وأكثر نجاحًا وأكثر مالًا، حتى يختم الفيلم أحداثه بتضحيته بمساعده المسكين من أجل تصوير حادثة موت لا يمكن نسيانها ولا نسيانه معها.

يقول لويس بلوم في سياق الفيلم: ((ما اؤمن به أن الأشياء الجيدة تحدث لأولئك المجتهدين فقط ، وأن أولئك الذين في القمة لم يسقطوا هنالك)).

المجتهدين في ماذا ولأجل ماذا والمضحين بماذا؟!

لا تملك هذه العجلة إجابات تعصم من توحش بلوم وأشباهه.

عجلة النجاح النيوليبرالية الرأسمالية التي تصب رصاصها في أذنك وتغشى بها عينك صباح مساء من الأنفلونسر ومتحدثي البودكاست= كلها شغل محدثين نعمة من دولة في قاع العالم الثالث عاوزين يحرقوا طبقات ويجروا لفوق بسرعة عشان يلحقوا لهم مكان في الكومبوند، يمصمصون أفواههم بثدي البقرة الرأسمالية التي يعبدونها كعجل السامري، بقرة المال والشهرة والجاه والكفاءة والنجاح الذي يدهس الحياة بقدميه.

هناك مشكلة كبيرة نعانيها كمجتمع مأنتخ قليل الفرص، وبيئة مهنية متردية، المتوسط فيه يعد متميزًا؛ لأن محدش بيشتغل على نفسه، مع ماسورة أعذار وعجز مكتسب لا تنتهي= لكن علاج ذلك لن يكون أبدًا عبر عبادة البقرة التي يجثو بين يديها صلاح أبو المجد وأشباهه.

اقرأ المزيد