أحمد سالم

أحمد سالم

في الحديث العظيم الذي يصف فيه رسول الله القلبَ الفاسد: ((لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلا ما أشرب من هواه)).

ما معنى هذا الاستثناء: إلا ما أشرب من هواه؟

معناه، أن صاحب القلب الفاسد يعرف معروفات وينكر منكرات؛ فإنه لا يوجد شر محض في بني آدم ففي كل إنسان شعبة من معرفة المعروف وإنكار المنكر.
لكن معرفة المعروف وإنكار المنكر يقعان لصاحب القلب الفاسد من جهة ميل طبعه وهواه، فيتفق لطبعه محبة ما هو محبوب لله، وكراهية ما هو مكروه لله، لكنه لم يعرف المعروف أو ينكر المنكر تبعًا لما عند الله، وإنما اتبع في ذلك ميل طبعه، ولذلك يميل طبعه لمنكر آخر وينفر عن معروف آخر لأن الأساس عنده ليس هو الحد الذي يضعه الله للمعروف والمنكر وإنما الأساس عنده هو ميل طبعه، وميل الطبع لا يؤتمن لا على معرفة المعروف ولا على إنكار المنكر، ولذلك يجب على الإنسان أن يجعل هواه وطبعه تابعًا لما يقرره الوحي وليس قائدًا يقوده فيعارض الوحي أو يحرف الوحي.

ولو كان الدين بما يوافق الطبع لما ضيع الدين أحد من الناس ولاتبعوه جميعًا.

مشاركة

مقتطفات أخرى

كثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال المسلمين= جزع وكل وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بأن الله مع الذين اتقوا. 

ابن تيمية.

اقرأ المزيد

لما أعطى رسولُ الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم، حتى كَثُرت فيهم القالة، حتى قال قائلهم: لقي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قومه.

فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسِهم؛ لِمَا صنعت في هذا الفَيْء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيءٌ.

قال: ((فأين أنت من ذلك يا سعد؟)).

قال: يا رسول الله، ما أنا إلاَّ امرؤ من قومي، وما أنا؟ 

قال: ((فاجمع لي قومَك في هذه الحظيرة)).

قال: فخرج سعد، فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال: فجاء رجالٌ من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فرَدَّهم، فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.

قال: فأتاهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فحمد الله، وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثُمَّ قال: ((يا معشر الأنصار، ما مقالةٌ بلغتني عنكم، وجِدَة وجدتموها في أنفسكم؟ ألَم آتِكم ضُلاَّلاً فهداكم الله، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألَّف اللهُ بين قلوبكم؟)).

قالوا: بل الله ورسولُه أَمَنُّ وأفضل.

قال: ((ألاَ تُجيبونني يا معشر الأنصار؟)).

قالوا: وبماذا نُجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المنُّ والفضل؟! 

قال: ((أمَا والله، لو شئتم لقلتم، فلَصَدَقْتُم وصُدِّقْتُم، أتيتنا مُكذَّبًا فصدقناك، ومَخذولاً فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلاً فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم - يا معشر الأنصار - في لُعاعةٍ من الدنيا تألَّفْت بها قومًا؛ ليُسْلِموا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامِكم، أفلا ترضَوْن - يا معشر الأنصار - أَنْ يَذْهَبَ الناس بالشاةِ والبعير، وترجعون برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرةُ لكنتُ امرأً من الأنصار، ولو سلك الناسُ شِعبًا، وسَلَكَتِ الأنصار شعبًا، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار)).

قال: فبكى القومُ حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قسمًا وحظًّا.

ثم انصرف رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتفرقنا.

اقرأ المزيد