أحمد سالم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ليس كل إنعام كرامة ولا كل امتحان عقوبة)).
نعم. ليس كل امتحان أو ابتلاء يكون عقوبة على ذنب، والإسراف في تقريع الناس في الكوارث والمحن بأن ذلك من ذنوبهم فوق أنه قول على الله بغير علم= ففيه من فقد التراحم والتعاطف والدعم والتعزية والمواساة ما يكشف عن الجهل أو قسوة القلب أو كليهما.
تخيل أن رجلًا مات ولده فذهبت وقمت عند أذنيه فقلت له: هذا البلاء بسبب ذنوبك!
هذا في الحقيقة هو واقع كثير من الناس الذين يضعون الحق في غير موضعه وهم مع وضعهم إياه في غير موضعه قد خلطوه بالباطل أيضًا، فلم يُراعوا المقامات، ولا ب(ماذا) يخاطبون (من).
إنا لله وإنا إليه راجعون، أعان الله المبتلين من إخواننا المسلمين في هذه المحنة الكبرى التي يمرون بها، وثبتهم وألهمهم الصبر وكشف عنهم الضر، وإن من أضر الضراء تكلم أناس بغير علم قد تسلطوا على إخوانهم بالأذى، ولم يهدهم الله إلى الطيب من القول.
الخطاب العام في المحن والأزمات الكبرى يكون بتعزية المبتلين وبمواساتهم وليس بتقريعهم أو القضاء العام عليهم مع اختلاف مراتبهم أنهم أصحاب ذنوب كان هذا البلاء بالذات عقابًا لهم؛ فهذا لا سلطان لأحد يعلمه به، ومسارعة النفوس إليه مع اتساع مجال التعزية والمواساة والتراحم والتعاطف؛ يكاد يكشف عن طوية نفس لا تعرف للرحمة لسانًا.
مقتطفات أخرى
السعي لأن أكون أفضل نسخة من نفسي= هذه رحلة ليس لها محطة وصول؛ لأن قابلية التحسين لا نهاية لها، والإنسان في الدنيا محدود لا يمكنه بلوغ أي حالة غير محدودة.
لذلك نحن نعبر عادة بتعبير أدق وهو: أفضل نسخة (ممكنة)، ممكنة بالنسبة لي هنا والآن، غدًا ستكون هناك فرصة لرفع سقف الممكن هذا إن بذلت أحسن ما أستطيع.
وأنا أيضًا لا أدري بيقين هل هذا أحسن ما أستطيع أم قصرت.
حالة الغموض ونقص اليقين ومحدودية العلم، واحدة من حالات النقص والألم التي هي جزء من الحياة، ويعد العيش رغم الألم، والعمل رغم الظن والنقص والغموض واللايقين= من علامات النضج النفسي.
الرغبة في أن أعلم وأطمئن وأتيقن هي كالرغبة في ألا أتألم= رغبات مشروعة ومقبولة، لكن ينبغي أن يتقبل الإنسان أنها لا تحصل كثيرًا، وبالتالي يعمل ويسعى على الرغم منها.
ابذل ما ترجو أنه أحسن ما تستطيع لبلوغ ما ترجو أنه أفضل نسخة ممكنة من نفسك هنا والآن، وفي الغد فرصة أخرى لتصحيح تقصير الأمس ولتطوير إحسانه معًا.
يقول الله تعالى: { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}
كلما أظهر الإنسان افتقاره وحاجته إلى ربه، وتجلى على سلوكه إيمانه بفقره وغنى ربه، وأنه محتاج مفتقر لا يستغني عن ربه وخالقه= كان كريمًا عند ربه لا يذل ولا يشقى، وكلما استكبر الإنسان واستغنى وقال إنما أوتيته على علم عندي= كان عند ربه ذليلًا مهانًا لا كرامة له.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: الرب سبحانه : أكرم ما تكون عليه =أحوج ما تكون إليه.