أحمد سالم

أحمد سالم

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما من غازيَةٍ أو سَرِيَّةٍ تغزو فَتَغْنَم وَتَسْلَمُ إلا كانوا قد تَعَجَّلُوا ثُلُثَي أُجُورِهِمْ، ومَا من غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلاَّ تم أُجُورُهُمْ».

لا يخبرنا هذا الحديث فقط بأن النصر والغلبة الدنيوية ليست هي مدار العمل والأجر، بل أبلغ من ذلك يخبرنا أن تمام الأجر يحدث مع الإخفاق والهزيمة، وذلك لأن المنتصر يرى بعين الشهادة ما يرضي نفسه ويثبت إيمانه، أما من أخفق وانهزم فهو ثابت على إيمانه بالغيب يرجو وعد الآخرة.

والنصر له ألف أب يدعونه وينتسبون إليه ويظنون معه صحة ما هم عليه، ويغنمون من الدنيا ما يحل لهم لكنه يكون جزاء معجلًا لا يستوي مع من أجل جزاءه ليوم الحق المشهود.

أما أولئك الراسخين الثابتين على الرغم من غياب النصر الدنيوي فأولئك يتم إيمانهم ويتم أجرهم.

وفي هذا المعنى يقول عبد الرحمن بن عوف: ((قُتِل مُصعب بن عمير رضي الله عنه وهو خيرٌ مني، فلم يوجد له ما يُكفَّن فيه إلا بُردة إن غُطِّيَ بها رأسه بَدَت رِجْلاه؛ وإن غُطِّيَ بها رجلاه بدا رأسه، ثم بُسِط لنا مِنَ الدنيا ما بُسِط، أو قال: أُعْطِينا من الدنيا ما أُعطِينا، قد خَشِينَا أن تكون حَسَنَاتُنا عُجِّلَت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام)).

وإن أعظم غيب آمنت به= غيبٌ تكون في شهادته راحةُ نفسك؛ فإنك إن صبرت على ألمِ الغيب وآمنت به، ورضيت أن تَبقى مؤمنًا به وهو غيب لم ترى شهادته بالنصر وعقوبة الظالم في الدنيا، رغم أن راحتك في شهادته وأن تنال العافية وتشتفي من ظالمك= كان لك من أجر المؤمنين بقدر صبرك وألمك، ما لا يكون لمن شهد هذا الغيب فأراه الله ما يشفي صدره في الدنيا.

مشاركة

مقتطفات أخرى

والتوبة ونقضها دائمًا، خير من الإصرار.

ابن عطية في تفسيره.

اقرأ المزيد

في فترة العبودية في أمريكا: زنجي البيت وزنجي الحقل، زنجي الحقل يعتني بسيده، فإذا خرج زنوج الحقل عن الطابور= كان زنجي البيت يمسكهم، ويسيطر عليهم ويعيدهم إلى المزرعة، وكان يستطيع ذلك لأنّه كان يعيش أحسن حالاً من زنوج الحقل،؛كان يأكل أحسن منهم، ويلبس أحسن منهم ويسكن في بيت أحسن ،كان يسكن فَوق بجوار السيد في الدور العلوي، أو السفلي. كان يأكل نفس الطعام الذي يأكله السيد، ويلبس نفس اللباس، وكان قادراً على التكلم مثل سيده بأسلوب وبيان جيد. وكان حبه لسيده أكثر من حب السيد لنفسه؛ ولذا لا يحب لسيده الضّرر، وإذا مرض السيد قال له: ما المشكلة سيدي؟ (أمريض نحن)؟!
وإذا اشتعل حريق في بيت السيد، حاول أن يطفئه؛ لأنه لا يريد أن يحترق بيت سيده، لا يريد أبداً أن تتعرض ممتلكات سيده للتهديد، وكان يدافع عنها أكثر من مالكها. هكذا كان زنجي البيت.
ولكن زنوج الحقل الذين كانوا يعيشون في الأكواخ، لم يكن لديهم ما يخشون فقدانه، فكانوا يلبسون أردأ اللباس ويأكلون أسوأ الطعام ويذوقون الويلات ويُضربون بالسوط، وكانوا يكرهون سيدهم بشدّة، فإذا مرض السيد يدعون الله أن يموت، وإذا اشتعل حريق في بيت السيد، كانوا يدعون الله أن يرسل ريحاً قويّة!

اقرأ المزيد