أحمد سالم

أحمد سالم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن، أوتروا، فإن الله وتر، يحب الوتر».
فقال أعرابي: ما تقول؟
فقال صلى الله عليه وسلم: ليس لك، ولا لأصحابك.

قلت: وهذا الخبر أصل عظيم في باب عظيم:
وهو أن الخطاب بالعلم والإيمان قد يُتخفف فيه لبعض الناس بحسب دينهم وإيمانهم فلا يخاطبون بما يُخاطب به الأسبق إسلاما والأكمل إيمانًا، وأنه ليس ‍يصلح كل الناس الازدياد في العمل، وإنما يكون المطلب الأعظم منهم هو ضبط أصول الفرائض المحرمات.
وهذا الحديث مما يظهر به معنى حديث الأعرابي الذي فيه أفلح إن صدق، وأنه في قوم مخصوصين خاطبتهم الشريعة بما لا ينفرهم ويخرجهم من الدين لثقل التكاليف على إيمانهم.
ومن هنا تعلم صحة ما أشرنا له مرارًا من خطورة رفع سقف الخطاب الدعوي بعلم وإيمان يُزعم أن التدين لا يكون إلا به، والحال أنه لا يطيقه أكثر المخاطبين، فيفرح الداعية بالقلة المستجيبة ويغفل عن الأكثرية التي بقت على حالها لثقل خطابه عليها، وفرحه غرور، يضر الناس ويٌقسد المجتمعات.

مشاركة

مقتطفات أخرى

يعرف العبد ربه ويتقرب إليه بما يفعله العبد من الطاعات والقُرب، من طلب العلم والتوحيد والصلاة والصيام والزكاة واصيام والحج إلى آخر شعب الإيمان.

ويحدث للعبد طريق آخر يعرف به الله، ويجد فيه أن قلبه قد اتصل بربه اتصالًا يجد أثره وتزكو به نفسه، وذلك فيما يقع للعبد بغير سعي منه، مثل ابتلاء يخضع به لربه ملتجئًا مفتقرًا، أو ذنب يقع بك فيكسر عُجبك وطول أملك ويقوي خوفك، أو ملاقاة مبتلى أو مريض أو مسكين تُحدث اللقيا في العبد رقة تقربه إلى مولاه، أو كلمة يسمعها العبد أو يقرأها تفجؤه بلا سعي منه فتحدث فيه إيمانًا لم يسع إليه ابتداء.

وهذا الطريق لمعرفة الله والقرب منه طريق لطيف يستحق التدبر والتأمل ويستحق الحمد والشكر؛ وذلك لأنه طريق ساقه الله إلى العبد بغير اختيار منه، فالله هنا يتفضل على العبد تفضلًا خالصُا، واستحضار أن الله تفضل علي بأن أهداني طريقًا يعرفني به ويقربني إليه؛ استحضار هذا المعنى، استحضار معنى الإهداء الإلهي= يُعظم في العبد قدر الله، ويزيد من حسن الظن بالله، كما أنه دواء لجلد الذات والندم المُقعد، فأنت تقول في نفسك: قد علم الله في خيرًا فلذلك أسمعني.

اقرأ المزيد

العائلة بناء شرعه الله للناس وحثهم الرسول عليه؛ هذا التشريع صدر ممن يعلم جيدًا أن الناس يفتنون بأحبائهم ولربما عصوا الله لأجل أسرهم، مع ذلك استمر التشريع على حاله؛ فلا شيء في العيش تُطلب مصالحه إلا ومع تلك المصالح خطر يُخشى منه، ومدار ابتلاء العيش كله على سعي الإنسان لما ينفعه ومحاولته تخليص الورد من شوكه، فيصيب مرة ويُجرح أخرى.

هذا البناء الأسري مجتمع صغير لكنه عظيم الشأن في حياة الإنسان، تُمارس فيه وبه عبودية الله ويستعان به على خوض ألم الحياة وصعابها، وهو بمنزلة العُدة والسلاح كلما بذلت لرعايته وشحذه وجدته نافعًا لك ساعة القتال لا يخذلك ولا يخونك.

ولا تؤدي العائلة دورها هذا كله إلا إن كانت كما وصفها الله: إمساك بمعروف ومودة ورحمة وبر وسكن، ميدان يتجلى فيه إيمان المرء وخيريته، فخيركم خيركم لأهله.

اقرأ المزيد