أحمد سالم
الفاعلية اليومية، الثابتة، والمنتظمة مهما قلت= هي أبقى أثرًا وأعظم ثمرة من الفاعلية التي تأتي على فترات، أو موسمية، ولو كانت هذه الأخيرة ثقيلة ومكثفة، بل نفس هذه الفعالية اليومية هي التي تؤهل للانتفاع الأتم والأكمل بالفعالية المكثفة الموسمية.
تلك قاعدة أساسية من قواعد العلم والعمل والعيش، ويمكنك تطبيقها على أشياء كثيرة، فتزيد من أثر إنجازك، وتعينك على تفسير كثير من الظواهر المحيرة لك، بداية من مذاكرة أيام الامتحانات اللي بتطير وانت خارج من اللجنة، وانتهاء بإيمانيات رمضان التي تنطفئ سريعًا، ومرورًا بفرحة الفسحة مع أسرتك والتي لا تجد تفسيرًا لكونها لا تنعكس على باقي حياتكم.
المواسم المكثفة مهمة وضرورية، لكنها لا تؤتي أكلها إلا إذا غرست في أرض قد أخصبها الماء طوال العام ولو كان إخصابه لها مجرد قطرات.
مقتطفات أخرى
أراد رجل أن يتفرغ لطاعة الله فقال: وددت لو أني تركت الأسباب وأعطيتُ كل يوم رغيفين، فابتلي بالسجن وكان ترتيب السجن من الزاد: كل يوم للسجين رغيفان.
وسمع من يقول له: طلبت منا كل يوم رغيفين، ولم تطلب منا العافية، فأعطيناك ما طلبت.
لا يستطيع الإنسان أن يستغني عن سؤال الله تفاصيل حاجاته الدنيوية، فنفسه معلقة بالعاجلة، وبما يعجبه، ويغفل الإنسان عن أنه ليس كل ما يعجبه ينفعه، وأن مخبوءات القدر يعلم الله منها ولا نعلم.
ورسول الله يقول: ((اتقوا الله وأجملوا في الطلب))، ومن الإجمال في الطلب منزلة يُرجى أن يترقى لها العبد وفيها يقل طلبه للتفاصيل الدنيوية ويتعلق بأدعية الوحي وما فيها من قلة التفصيل للأسباب والأغراض، ويكل أمره إلى الله يكتب له الخير حيث شاء.
المحن فرصة عظيمة للتنوير وصقل الشخصية، لكننا لن نذهب لها بأرجلنا؛ فنحن نطلب الأمن ونخشى الخطر، ولم يحب الله لنا أن نتمنى البلاء فنهلك؛ لأجل ذلك يبتلينا الله به على غير رغبة منا ولا طلب، فيقوى الظهر على حمل الأمانة، ويستخرج الله منا بالشدائد ما لا يُخرجه من المعدن الكريم إلا لهب النار.