أحمد سالم

أحمد سالم

تقوم فكرة القانون (حقي وحقك) والسلطات المتصلة به على وجوب وجود معيار أعلى من المتنازعين يتحاكم إليه المتنازعون للفصل بين أهوائهم وما يمكن أن تقودهم إليه تلك الأهواء من صراعات.
 معيار يملك الإجراءات اللازمة لسلامة وسلاسة عملية الحكم والتحاكم والقوة الضرورية للإنفاذ والإلزام، ويصدر هذا كله في الوقت نفسه عن منظومة قيمية رشيدة.

لا يمكن الاتكاء على التراحم لإدارة النزاع بين الناس، فالإنسان ظلوم جهول شحيح ويُحسن أن يُلبس كل آفاته تلك لبوس الحق والتقوى.

ولا يمكن في الوقت نفسه الاستغناء عن التراحم والاعتماد على منظومة القانون والحقوق والسلطة فحسب؛ لأن أية معركة يخوضها القانون تجاه الشر الإنساني سيكون القانون هو الخاسر فيها.

التشريعات الإلهية القضائية (حقي وحقك) للحياة عمومًا وللحياة الأسرية خصوصًا لا تخرج عن نفس هذا النسق، التشريعات فاصلة عند النزاع، لأن أي تنازع لابد له من نقطة حمراء للفصل؛ فالناس لن يستطيعوا دائما الوصول لحلول وسط تفاوضية تراحمية.
القانون هو الضابط عند عدم التراحم، لكن عيش الناس إن لم يقم إلا بالقانون وقبضة السلطة= فهذا معناه فقدانهم للتراحم وسيطرة نزعة الشر الإنساني على ضمائرهم بدلًا من خيرية الإيمان وسماحة الأخذ والبذل.

فإذا كان الزواج عبارة عن نزاعات متتالية تحتاج دائمًا للنقاط التعاقدية القانونية الفاصلة ولا يستطيع الزوجان بالقدر الكافي للمودة أن يتحلوا بمرونة التنازلات المتبادلة تارة والحلول الوسط تارة أخرى، والحب وعشان خاطر من نحب تارات كتير= فهذا زواج غير صحي، ولا يختلف عن أية حلبة من حلبات المصارعة الحرة التي شعارها: ليؤذي بعضنا بعضًا ولكن في حدود القوانين.

مشاركة

مقتطفات أخرى

فيما يقع للناس من بلاء، أو ما يقع عليهم من ظلم الناس لهم= قد يرضى الناس بقدر الله، والرضا مستحب، وضابط الرضا: ألا تطلب زوال ما بك ولا تحب زواله، وإن كنت تتألم منه.
وقد لا يقدر الناس على الرضا فيكفيهم الصبر وهو واجب، وضابط الصبر ألا تسخط أقدار الله، بقلبك أو لسانك أو جوارحك، بل ترى أن الله عدل معك ولم يظلمك، وتطلب فضله وأجره، ولا يعيبك أن تألم لما وقع بك ولا أن تطلب وتحب زواله.
ويباح لك أن تنتصر من ظالمك بالعدل.
ثم قد يقع من الناس حينها كف للسان واعتصام بالله من غير إظهار للألم أو دعاء بزوال البلاء، مع كونهم يحبونه، وقد يقع منهم التشكي من هذا الذي وقع بهم.
وضابط الشكوى: كل ما فيه إظهار الألم لما وقع بك أو محبة لزواله.
وضابط الشكوى المستحبة: أن تكون لله وهي مرتبة عبودية تنفع الصابرين وتعينهم.
وضابط الشكوى المباحة: أن تكون لمن ترجو منه من الناس مصلحة راجحة أو  نفعًا فيه علاج لما وقع بك أو إعانة على الصبر مأمونة المفسدة الراجحة.
وضابط الشكوى المذمومة: أن تكون للناس ليس منها فائدة من رجاء نفع يعالج ما وقع بك أو يعينك على الصبر عليه.
وليس من الشكوى: الذكر العارض الذي ليس فيه تألم، ولا يمنع هذا إلا إن كان معه كشف لستر أو إعانة على الوقيعة المحرمة في عرض من تشتكي منه.

قال شيخ الإسلام: والله تعالى ذكر في القرآن الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل.
وقد قيل: إن الهجر الجميل، وهو هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا معاتبه، والصبر الجميل صبر بغير شكوى إلى المخلوق، ولهذا قرئ على أحمد بن حنبل في مرضه أن طاوسا كان يكره انين المريض ويقول: إنه شكوى، فما أنَّ أحمد حتى مات.

اقرأ المزيد

ربما تكون القاعدة خطأ، لكني مطمئن لها بشدة..

لا تمدح من أصاب إلا إن كنت تقدر على ذمه إن أخطأ.

فإن كنت تعلم أنك تعجز عن الذم عند الخطأ= فالمدح عند الصواب ضرب من الغش والخيانة.

اقرأ المزيد