
أحمد سالم
فيما يقع للناس من بلاء، أو ما يقع عليهم من ظلم الناس لهم= قد يرضى الناس بقدر الله، والرضا مستحب، وضابط الرضا: ألا تطلب زوال ما بك ولا تحب زواله، وإن كنت تتألم منه.
وقد لا يقدر الناس على الرضا فيكفيهم الصبر وهو واجب، وضابط الصبر ألا تسخط أقدار الله، بقلبك أو لسانك أو جوارحك، بل ترى أن الله عدل معك ولم يظلمك، وتطلب فضله وأجره، ولا يعيبك أن تألم لما وقع بك ولا أن تطلب وتحب زواله.
ويباح لك أن تنتصر من ظالمك بالعدل.
ثم قد يقع من الناس حينها كف للسان واعتصام بالله من غير إظهار للألم أو دعاء بزوال البلاء، مع كونهم يحبونه، وقد يقع منهم التشكي من هذا الذي وقع بهم.
وضابط الشكوى: كل ما فيه إظهار الألم لما وقع بك أو محبة لزواله.
وضابط الشكوى المستحبة: أن تكون لله وهي مرتبة عبودية تنفع الصابرين وتعينهم.
وضابط الشكوى المباحة: أن تكون لمن ترجو منه من الناس مصلحة راجحة أو نفعًا فيه علاج لما وقع بك أو إعانة على الصبر مأمونة المفسدة الراجحة.
وضابط الشكوى المذمومة: أن تكون للناس ليس منها فائدة من رجاء نفع يعالج ما وقع بك أو يعينك على الصبر عليه.
وليس من الشكوى: الذكر العارض الذي ليس فيه تألم، ولا يمنع هذا إلا إن كان معه كشف لستر أو إعانة على الوقيعة المحرمة في عرض من تشتكي منه.
قال شيخ الإسلام: والله تعالى ذكر في القرآن الهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل.
وقد قيل: إن الهجر الجميل، وهو هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا معاتبه، والصبر الجميل صبر بغير شكوى إلى المخلوق، ولهذا قرئ على أحمد بن حنبل في مرضه أن طاوسا كان يكره انين المريض ويقول: إنه شكوى، فما أنَّ أحمد حتى مات.
مقتطفات أخرى
كانت لدى عرب الجاهلية قيم أخلاقية حسنة كالكرم ونجدة الملهوف ونصرة الضعيف، وكانت بلا شك من بقايا الوحي والنبوة القديمة، لكنها خُلطت بمنظور اجتماعي جعل غرض تلك الأخلاق هو الرفعة بين الناس واتقاء ذمهم؛ لأجل ذلك أتى الإسلام بمنظوره الأخلاقي ليبطل هذا الغرض ويجعله رياء ويجعله شعبة من الشرك؛ إذ إن بناء الأخلاق على التقاليد الاجتماعية وما يمدحه الناس أو يذمونه؛ كفيل بحرف تلك الأخلاق عن وجهتها وكفيل بأن تُخلط بكثير من الباطل.
ومن فهم هذا أيقن بأن الخير الأخلاقي متى خلط بالتقاليد الاجتماعية وثقافة العيب الشعبية= فإنه ينحرف عن مقصود الله ويكون وبالًا قليل الخير.
ربما تكون القاعدة خطأ، لكني مطمئن لها بشدة..
لا تمدح من أصاب إلا إن كنت تقدر على ذمه إن أخطأ.
فإن كنت تعلم أنك تعجز عن الذم عند الخطأ= فالمدح عند الصواب ضرب من الغش والخيانة.